فصل: باب الشين مع الظاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 باب الشين مع السين

‏{‏شسع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إذا انْقَطع شِسْع أحَدِكم فلا يَمْشي في نَعْل واحدةٍ> الشِّسعُ‏:‏ أحَدُ سُيور النَّعل، وهو الذي يُدْخَل بين الأصْبَعَين، ويُدْخل طرَفُه في الثّقْب الذي في صَدْر النَّعل المشْدُودِ في الزِّمام‏.‏ والزِّمام السَّيرُ الذي يُعْقَد فيه الشِّسْع‏.‏ وإنما نُهِىَ عن المشي في نَعْل واحدةٍ لئلا تكون إحدى الرجلين أرْفع من الأخْرى، ويكونَ سببا للعِثار، ويَقْبُح في المنْظَر، ويُعاب فاعِلُه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن أم مكتوم ‏(‏إني رجُل شاَسِعُ الدَّارِ> أي بعيدُها‏.‏ وقد تكرر ذكْر الشّسع والشُّسُوع في الحديث‏.‏

 باب الشين مع الصاد

‏{‏شصص‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر <رَأَى أسْلَم (هو غلام عمر) يَحْمِل مَتاَعه على بَعِير من إبل الصَّدَقة، قال: فَهلاَّ ناقةً شَصُوصاً> الشَّصُوص‏:‏ التي قد قَلَّ لبنُها جِدّاً، أو ذَهَب‏.‏ وقد شَصَّت وأشَصَّت‏.‏ والجمع شَصاَئِص وشُصُص‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنَّ فلانا اعْتَذَر إليه من قِلَّة اللَّبن، وقال: إنَّ ماشِيَتَنا شُصُصٌ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عمير <في رجُل ألْقى شِصَّه وأخذ سَمَكَة> الشَّصُ بالكسر والفتح‏:‏ حديدةٌ عقْفاَءُ يُصاد بها السمَك‏.‏

 باب الشين مع الطاء

‏{‏شطأ‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث أنس <في قوله تعالى <فأخرَج شَطْأَه>، قال نَباَتَه وفُروخَه> يقال أشْطَأ الزرعُ فهو مُشْطِىء إذا فَرَّخ‏.‏ وشاطىءُ النَّهر‏:‏ جانبُه وطَرَفه‏.‏

‏{‏شطب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أمّ زرع <مَضْجعة كَمَسلِّ شَطْبةٍ> الشَّطْبة‏:‏ السَّعَفة من سَعَف النخلة ما دامت رَطْبة، أرادت أنه قليل اللَّحم دَقيقُ الخَصْر، فشبَّهته بالشَّطْبة‏:‏ أي مَوضعُ نومه دَقيقٌ لنحاَفَتِه‏.‏ وقيل أرادت بمسَلِّ الشَّطْبة سَيْفا سُلَّ من غِمْده‏.‏ والمَسَلُّ مصدر بمعنى السَّلّ، أُقيم مُقاَم المفعول‏:‏ أي كمَسْلُول الشّطبة، تَعني ما سُلَّ من قِشْره أو من غِمْده‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عامر بن ربيعة <أنه حَمل على عاَمِر بن الطُّفَيل وطعنه، فشَطَب الرمحُ عن مَقْتَله> أي مالَ وعَدَل عنه ولم يَبْلُغْه، وهو من شَطَب بمعنى بَعُد‏.‏

‏{‏شطر‏}‏ * فيه <أنَّ سْعداً رضي اللّه عنه اسْتَأذَنَ النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يتصدَّق بمالِه قال: لاَ، قالَ: الشَّطرَ، قال: لاَ، قال: الثلُثَ، فقال: الثُّلُث، والثُلث كثيرٌ> الشطْرُ‏:‏ النصفُ، ونَصْبُه بفعل مُضْمر‏:‏ أي أهَب الشطْر، وكذلك الثُلث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <من أعان على قتل مُؤمن (في الأصل <ولو بشطر كلمة> وقد سقطت <ولو> من أ واللسان والهروي‏.‏ والحديث كما أثبتناه أخرجه ابن ماجه في باب <التغليظ في قتل مسلم ظلماً> من كتاب <الديات> وتمامه‏:‏ <لَقِىَ اللّهَ عزّ وجلّ مكتوبٌ بين عينيْهِ: آيِسٌ مِنْ رحمةِ اللّهِ> ‏)‏ بِشَطْر كلمة> قيل هو أن يقول أُقْ، في أقْتل، كما قال عليه الصلاة والسلام <كَفى بالسيف شاَ> يُرِيدُ شاهداً ‏(‏زاد اللسان‏:‏ وقيل هو أن يشهد اثنان عليه زوراً بأنه قتل فكأنهما قد اقتسما الكلمة فقال هذا شطرها وهذا شطرها؛ إذ كان لا يقتل بشهادة أحدهما‏)‏‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه <أنه رَهَن دِرعه بِشطْر من شَعِير> قيل أراد نِصفَ مَكُّوكٍ‏.‏ وقيل أراد نِصْفَ وَسْقٍ‏.‏ يقال شطْر وشَطِير، مثْل نِصْف ونَصِيف‏.‏

ومنه الحديث <الطَّهُور شَطْرُ الإيمان> لأنَّ الإيمانَ يُطهِّر نجاسةَ الباطن، والطَّهورَ يُطهِّر نجاسة الظاهر‏.‏

ومنه حديث عائشة <كان عِندَنا شَطْرٌ من شَعِير>‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث مانع الزكاة <إنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِهِ، عَزْمَةٌ من عَزَمات رَبِّنا> قال الحربي‏:‏ غَلِط ‏[‏بَهْزٌ‏]‏ ‏(‏زيادة من اللسان والهروي‏)‏ الرَّاوي في لَفْظ الرّواية، وإنما هُو <وشُطِّر مالهُ> أي يُجْعَلُ ماله شَطْرين ويَتَخيَّر عليه المُصَدّقُ فيأخُذ الصدقة من خَير النِّصفين عُقُوبةً لمْنعه الزَّكَاة، فأمَّا ماَ لاَ تَلَزْمه فلاَ‏.‏ وقال الخطابي في قول الحَرْبى‏:‏ لا أعْرف هذا الوَجْه‏.‏ وقيل مَعْناه إن الحقَّ مُسْتَوْفىً منْه غَيرُ مَتْرُوك عليه وإنْ تَلِفَ شَطْرُ ماله، كرجُل كان له ألْفُ شاةٍ مثَلا فتَلفِت حتى لم يَبْق له إلاَّ عِشْرون، فإنه يُؤخَذ منه عَشْرُ شِياَهٍ لصدَقة الألف وهو شطْرُ مالِه الْباَقِي‏.‏ وهذا أيضا بَعِيد، لأنه قال‏:‏ إنَّا آخِذوها وشَطْر مالِه، ولم يقل إنَّا آخِذوا شَطْر مالِه‏.‏ وقيل إنه كان في صَدْر الإسلام يقَع بعض العُقُوبات في الأموال، ثم نُسخ، كقوله في الثمر المُعَلَّق‏:‏ مَن خَرج بشيء منه فعليه غَرامة مثْلَيه والعقوبةُ‏.‏ وكقوله في ضالَّة الإبل المكتومَة‏:‏ غَرَامتُها ومثلُها معها، وكان عمر يَحْكم به، فغرّم حاطباً ضِعْفَ ثَمن المُزَنِىِّ لمَّا سَرَقها رَفيقُه ونَحرُوها‏.‏ وله في الحديث نظائرُ‏.‏ وقد أخَذَ أحمدُ بن حَنْبل بشيء من هذا وعَمِل به، وقال الشافِعىُّ في القَدِيم‏:‏ من مَنَع زكاةَ ماله أُخِذَت منه وأُخِذ شطْر مالِه عُقوبةً على مًنْعه، واسْتَدَل بهذا الحديث‏.‏ وقال في الجَديِد‏:‏ لا يُؤخذ منه إلا الزكاة لاَ غير‏.‏ وجعل هذا الحديثَ منسوخاً‏.‏ وقال‏:‏ كان ذلك حيثُ كانت العُقُوبات في المال ثم نُسِخَت‏.‏ ومذهبُ عامَّة الفُقَهاء أن لاَ واجبَ على مُتْلِفِ الشيء أكثر من مِثْله أو قِيمِته‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الأحنف <قال لعليٍّ وقْت التَّحكيم: يا أميرَ المؤمنين إني قد عَجَمْتُ الرجُل وحَلبْتُ أشْطُرَه، فوجَدْته قريبَ القَعْر كَليلَ المُدْيةِ، وإنك قد رُمِيتَ بحَجر الأرضِ> الأشطُرُ جمع شَطْرٍ وهو خِلْفُ النَّاقة‏.‏ وللنَّاقة أربعةُ أخْلاف كلُّ خِلفين منها شَطْر، وجعل الأشْطر مَوضعَ الشَّطرين كما تُجعل الحواجبُ موضع الحاجبين، يقال حَلبَ فلانٌ الدهرَ أشطَرَه‏:‏ أي اخْتبر ضُرُوبه من خَيره وشرِّه، تشبيهاً بحَلْب جَميع أخْلافِ النَّاقة ما كان منها حَفِلاً وغير حَفِل، ودَارّاً وغَير دارٍّ‏.‏ وأراد بالرجلين الحكَمين‏:‏ الأوّل أبو مُوسى، والثَّاني عَمْرو بن العاص‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث القاسم بن محمد <لو أن رَجُلين شَهِدا على رجل بحَقٍّ أحدُهما شَطيرٌ فإنه يَحْمِل شهادَة الآخر> الشَّطيرُ‏:‏ الغَرِيبُ، وجمعه شُطُر‏.‏ يعني لو شَهِد له قريبٌ من اب أو ابنٍ أو أخٍ أجنَبِىٌّ صحَّحت شهادةُ الأجْنَبي شَهادةَ القريب، فجعل ذلك حَمْلا له‏.‏ ولعَلَّ هذا مذهبٌ للقاسم، وإلا فشهادةُ الأب والابن لا تُقْبل‏.‏

ومنه حديث قتادة <شهادةُ الأخِ إذا كان معه شطيرٌ جازَت شهادتُه> وكذا هذا، فإنه لا فَرْق بين شهادةِ الغَريب مع الأخ أو القَريب، فإنها مقبولةٌ‏.‏

‏{‏شطط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث تَميم الدَّارِي <أنَّ رجُلا كلمه في كَثْرة العِباَدةِ، فقال: أرأيت إن كنتُ مؤمِناً ضعيفاً، وأنت مؤمنٌ قَوِى إنك لَشاَطِّى حتى أحْمِلَ قُوَّتك على ضَعْفي، فلا أسْتطيعَ فأنْبَتَّ> أي إذا كلَّفْتَني مِثْلَ عَملك مع قُوَّتك وضَعْفِى فهو جَورٌ منك، وقوله إنك لشاَطِّى‏:‏ أي لظالِمٌ لي، من الشَّطط وهو الجوْرُ والظلم والبُعْدُ عن الحقِّ‏.‏ وقيل هو من قولهم شَطَّنِي فُلان يَشُطُّني شطّاً إذا شَقَّ عليكَ وظلمَك‏.‏

ومنه حديث ابن مسعود <لا وكْسَ ولا شَطَطَ>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أعوذ بك من الضِّبْنةِ وكآبةِ الشِّطَّة>‏:‏ الشِّطة بالكسر‏:‏ بُعْدُ المَسَافة، من شَطَّت الدارُ إذا بَعُدت‏.‏

‏{‏شطن‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث البراء <وعنده فَرَس مربوطةٌ بشَطَنَين> الشَّطَن‏:‏ الحبْل‏.‏ وقيل هو الطَّويلُ منه‏.‏ وإنما شّدَّه بشَطَنَين لقُوّته وشدَّته‏.‏

ومنه حديث على <وذكر الحياة قال: إن اللّه جعَل الموتَ خَالجاً لأشْطاَنِها>‏.‏ هي جمعُ شَطَن، والخاَلجُ‏:‏ المُسْرِعُ في الأخذِ، فاستعار الأَشطانَ للحياة لامْتِدَادِها وطُولِها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كل هَوىً شاطنٌ في النار> الشاطن‏:‏ البعيدُ عن الحقِّ‏.‏ وفي الكلام مضاف محذوف، تقديره كلُّ ذي هوىً‏.‏ وقد رُوى كذلك‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنَّ الشمس تَطْلُع بين قَرْنَى شيطانٍ> إنْ جَعَلت نُون الشيطان أصليَّة كان من الشَّطَن‏:‏ البُعْد‏:‏ أي بَعُد عن الخير، أو من الحَبْل الطويل، كأنَّه طالَ في الشَّرّ‏.‏ وإن جَعَلتها زَائدَة كان من شاَط يَشيطُ إذا هلَك، أو من اسْتَشَاط غَضَباً إذا احْتدَّ في غَضَبه والْتَهَب، والأوّل أصحُّ، قال الخطابي‏:‏ قوله تَطْلُع بين قَرْني الشيطان، من ألفاظ الشَّرع التي أكثرُها يَنْفَردُ هو بمعانِيها، ويَجب علينا التصديقُ بها، والوقوفُ عندَ الإقْرار بأحْكامِها والعَمل بها‏.‏ وقال الحربي‏:‏ هذا تمثيلٌ‏:‏ أي حينئذ يتحرَّك الشيطانُ ويَتَسلَّط، وكذلك قوله <الشيطانُ يَجْرِى من ابن آدم مَجْرَى الدَّم> إنما هو أن يَتَسلَّط عليه فيُوسْوِس له، لاَ أنه يَدْخل جَوفه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <الراكبُ شيطانٌ والراكبانِ شيطانانِ والثلاثةُ رَكْبٌ> يعني أنّ الانْفِرادَ والذّهابَ في الأرضِ على سَبيل الوَحْدة من فِعْل الشَّيطانِ، أو شيءٌ يَحْمِله عليه الشيطانُ‏.‏ وكذلك الرَّاكبانِ، وهو حَثٌّ على اجْتماع الرُّفقة في السّفَر‏.‏ وروى عن عمر أنه قال في رَجُل سافر وَحْدَه‏:‏ أرأيتُمُ إنْ مات مَنْ أسألُ عنه‏؟‏

وفي حديث قتل الحيَّات <حَرِّجوا عليه فإِن امْتنَع وإلا فاقتُلُوه فإنه شيطانٌ> أراد أحدَ شياطين الجنِّ‏.‏ وقد تُسَّمى الحيةُ الدَّقيقةُ الخفِيفةُ شيطانا وجانّاً على التَّشْبيه‏.‏

 باب الشين مع الظاء

‏{‏شظظ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَّ رجُلا كان يَرعى لِقْحَة له ففجئَها الموتُ فنحَرَها بِشظَاظٍ> الشِّظاظُ خَشبَةٌ مُحدّدة ‏(‏في أ واللسان‏:‏ <خشبية> على التصغير‏)‏ الطرْف تُدْخَل في عُرْوَتَى الجُوَالِقَيْن لتَجْمع بينهما عند حَمْلهما على البعير، والجمع أشِظَّة‏.‏

ومنه حديث أمّ زرع <مِرْفقُه كالشِّظاظِ>‏.‏

‏{‏شظف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه عليه السلام لم يَشْبَع من طَعام إلاَّ عَلَى شَظَفٍ> الشظَفُ بالتحريك شدّةُ العَيْش وضيقُه‏.‏

‏{‏شظم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه‏.‏

يُعَقِّلُهنَّ جَعدٌ شَيْظَمِىٌّ *

الشَّيظَم‏:‏ الطَّويل‏.‏ وقيل الجَسيم‏.‏ والياء زائدةٌ‏.‏

‏{‏شظى‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يَعْجَبُ ربُّك من راعٍ في شَظِيَّة يُؤَذِّن ويُقيم الصَّلاةَ> الشظِيَّة‏:‏ قِطْعةٌ مُرْتَفِعة في رأس الجَبَل‏.‏ والشَّظِيَّة‏:‏ الفِلْقةُ من العصاَ ونحوِها، والجمعُ الشَّظاَيا، وهو من التَّشظِّى‏:‏ التَّشَعُّب والتَّشَقُّق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فانشَظَّتْ رَباَعِيةُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> أي انْكَسَرت‏.‏

ومنه الحديث <أن اللّه لَّما أرادَ أن يَخْلُق لإبليسَ نَسْلاً وزَوْجَةً ألْقَى عليه الغَضَب، فطاَرَت منه شَظِيَّةٌ من نارٍ فَخَلَق منها امْرَأتَه>‏.‏

ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <فطارَت منه شَظيَّةٌ ووقعَت منه أُخْرَى من شِدَّة الغَضَبِ>‏.‏

 باب الشين مع العين

‏{‏شعب‏}‏ * فيه <اَلْحياءُ شُعْبة من الإيمانِ> الشُّعبةُ‏:‏ الطائفةُ من كُلِّ شىء، والقِطعة منه‏.‏ وإنما جَعَله بَعْضَه لأنّ المُسْتَحْيىَ ينقَطِع بِحَيائِه عن المعاَصِي وإن لم تكن له تَقِيَّةٌ، فصار كالإيمان الذي يَقْطَع بينهاَ وبينَه‏.‏ وقد تقدم في حرف الحاء‏.‏

ومنه حديث ابن مسعود <الشَّباب شُعبةٌ من الجُنُون> إنما جَعَله شعبةً منه لأن الجُنون يُزِيلُ العقلَ، وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إلى قِلَّةِ العقل لِماَ فيهِ من كَثْرَة المَيْلِ إلى الشَّهواتِ والإقدامِ على المضَارِّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إذا قعَدَ الرجلُ من المرأة بين شُعَبِهاَ الأرْبَع وجَب عليه الغُسْل> هي اليدان والرِّجلانِ‏.‏ وقيلَ الرِّجْلان والشُّفْرَان، فكَنَى بذلك عن اْلإِيلاج‏.‏

وفي المغازي <خرجَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُرِيدُ قُرَيشاً وسَلَك شُعْبة> هي بضم الشين وسكون العين موضعٌ قُرْب يَلْيَل، ويقال له شُعْبة بن عبد اللّه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس <قيل له: ما هذه الفُتْياَ التي شَعَبَتِ الناسَ> أي فَرَّقَتْهُم‏.‏ يقال شَعَبَ الرجل أمْره يَشْعَبه إذا فَرَّقَه، وفي رواية تَشَعَّبَت بالنَّاس ‏(‏تروى <شغبت> بالغين المعجمة، و<تشغفت> وستجىء‏)‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها وصفَتْ أباها <يَرْأَبُ شَعْبها> أي يَجْمَعُ مُتَفَرِّثَ أمْرِ اْلأُمَّةِ وكَلِمتَهاَ‏.‏ وقد يكون الشَّعبُ بمعْنى الإصلاح في غيرِ هذا الباب، وهو من الأضداد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عمر <وشَعْبٌ صغيرٌ من شَعْبٍ كَبيرٍ> أي صلاحٌ قليلٌ من فساد كثير‏.‏

وفيه <اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَة> أي مكانَ الصَّدْع والشَّقِّ الذي فيه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث مَسْرُوق <أن رَجُلاً من الشَّعُوب أسْلم فكانت تُؤْخَذ منه الجِزْيةُ> قال أبو عبيد‏:‏ الشُّعوب ها هنا‏:‏ العَجم، وَوَجْهُهُ أن الشَّعْب ما تشَعَّب منه قَباَئل العرب أو العجم، فخُصَّ بأحدهما، ويجوزُ أن يكون جمعَ الشُّعُوبىِّ، وهو الذي يُصَغِّرُ شأنَ العرب، ولا يَرَى لهم فضلاً على غيرهم، كقولهم اليهودُ والمجوسُ في جمع اليهودِىِّ والمجوسىِّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث طلحة <فما زِلْتُ واضعاً رجْلي على خَدِّه حتى أزَرْتُه شَعْوبَ> شَعوبُ من أسماء المَنِيَّة غير مَصْروف، وسُمِّيت شَعُوبَ لأنها تُفرِّق، وأزرْتُه من الزّياَرة‏.‏

‏{‏شعث‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه لما بلغه هجاَءُ الأعْشَى عَلْقَمةَ بن عُلاثة العامِرىَّ نهى أصحابَه أن يَرْوُوا هجاَءه، وقال‏:‏ إنّ أبا سفيان شَعَّث مِنِّى عند قَيْصَر، فرد عليه علقمةُ وكذَّب أبا سُفيان> يقال شعَّثْتُ من فُلان إذا غَضَضْتَ منه وتنقَّصْتَه، من الشَّعْث وهو انْتشارُ الأمر‏.‏ ومنه قوُلهم‏:‏ لمَّ اللّهُ شَعَثَه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عثمان <حين شعَّث الناسُ في الطَّعْن عليه> أي أخّذُوا في ذَمِّة والقَدْح فيه بتشْعِيث عِرْضه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الدعاء <أسألُك رحمةً تَلُمّ بها شَعَثى> أي تجمَعُ بها ما تفرَّق من أمْرِى‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه كان يَغْتَسِل وهو مُحْرِم، وقال: إنَّ المْاء لاَ يَزِيده إلاَّ شَعَثاً> أي تفَرُّقا فلا يكون مُتَلبِّداً‏.‏

ومنه الحديث <رُبَّ أشْعثَ أغْبَر ذِي طِمْريْن لا يُؤبَه له لو أقْسم على اللّهِ لأبَرَّه>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي ذرّ رضي اللّه عنه <أَحَلْقتم الشَّعَثَ> أي الشَّعرَ ذَا الشَّعَثِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <أنه قال لزيد بن ثابت رضي اللّه عنهما لمَّا فرَّع أمرَ الجَدِّ مع الإخْوةِ في الميراث: شَعِّثْ ما كُنْتَ مشعِّثا> أي فَرِّق ما كنت مُفرِّقا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عطاء <أنه كان يُجيز أن يُشَّعث سَنَى الحرم ما لم يُقْلَع من أصله> أي يُؤْخَذ من فُرُوعه المُتفرِّقَة ما يَصِير به شَعْثاً ولا يَسْتأصله‏.‏

‏{‏شعر‏}‏ * قد تكرر في الحديث ذكر <الشَّعائر> وشعائر الحج آثارُه وعلاماتُه، جمعُ شعيرة‏.‏ وقيل هو كُل ما كان من أعماله كالوُقُوف والطَّواف والسَّعْى والرَّمْى والذَّبح وغير ذلك‏.‏ وقال الأزهَري‏:‏ الشعائرُ‏:‏ المعالمُ التي نَدَب اللّه إليها وأمر بالقِيام عليها‏.‏

‏(‏س ه‏)‏ ومنه <سُمِّى المشْعَرُ الحرامُ> لأنه مَعْلَم لِلعبادةِ ومَوْضع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنّ جبريل عليه السلام قال له: مُرْ أُمَّتك حتى يرفعوا أصْواتهم بالتَّلْبِيَة فإنها من شَعائر الحج>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنَّ شِعارَ أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم كان في الغَزْوِ يا منصُورُ أمِتْ أمِتْ> أي عَلامَتهم التي كانوا يتعارفُون بها في الحرب‏.‏ وقد تكرر ذكره في الحديث‏.‏

‏(‏س ‏[‏ه‏]‏‏)‏ ومنه <إشْعار البُدْن> وهو أن يَشُقَّ أحَد جَنْبَبْى البدَنة حتى يَسِيل دمُها ويَجْعل ذلك لها عَلامة تُعْرف بها أنها هَدْىٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث مَقْتل عمر رضي اللّه عنه <أنَّ رجُلا رمى الجَمْرة فأصاب صَلَعة عُمَر فدَمَّاه فقال رَجل من بَنِي لْهِب: أُشْعِرَ أمِيرُ المؤمنين> أي أُعْلِم للقَتْل، كما تُعْلم البدَنة إذا سِيقَتْ للنَّحْر، تَطيَّر الِّلهْبىُّ بذلك، فحَقَّت طِيرَته، لأن عمر لمَّا صَدَر من الحج قُتِل ‏(‏في الهروي والدر النثير‏:‏ كانت العرب تقول للملوك إذا قتلوا‏:‏ أُشْعِرُوا؛ صيانة لهم عن لفظ القتل‏)‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث مَقْتَل عثمان رضي اللّه عنه <أنّ التُّجِيبىَّ دخل عليه فأشْعَره مِشْقَصا> أي دمَّاه به‏.‏

وحديث الزبير <أنه قاتَل غُلاما فأشْعَره>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث مكحول <لا سَلَب إلاَّ لمن أشْعَر عِلْجا أوْ قَتله> أي طَعَنه حتى يدْخل السِّنانُ جَوفْه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث مَعْبَد الجُهَنى <لمَّا رَماه الحسَنُ بالبدْعة قالت له أمُّه: إنك أشْعَرْت ابْنى في النَّاس> أي شَهَّرته بقولك، فصار له كالطَّعْنة في البَدَنة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه أعْطَى النِّساء اللواتي غَسَّلْنَ ابنَتَه حَقْوَه فقال: أشْعِرْنَها إيَّاه> أي‏:‏ اجْعَلْنَه شِعاَرها‏.‏ والشعار‏:‏ الثوبُ الذي يلي الجَسَد لأنه يلي شَعره‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الأنصار <أنْتُم الشِّعار والناسُ والدِّثارُ> أي أنتم الخاصَّة والبطانةُ، والدثار‏:‏ الثوبُ الذي فوق الشِّعار‏.‏

ومنه حديث عائشة <أنه كان ينامُ في شُعُرِنا> هي جمع الشِّعار، مثل كتاب وكُتُب‏.‏ وإنما خَصَّتها بالذكْر لأنها أقْرب إلى أن تَنالها النَّجاسةُ من الدِّثار حيث تُباشر الجسد‏.‏

ومنه الحديث الآخر <أنه كان لا يُصلِّي في شعُرنا وَلاَ في لُحُفِنا> إنما امتنَع من الصلاة فيها مَخاَفة أن يكون أصابَها شيءٌ من دَمِ الحيضِ، وطَهارةُ الثَّوب شَرطٌ في صحَّة الصَّلاة بخلاف النَّوم فيها‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أن أخا الحاجِّ الأشعَثُ الأشعَرُ> أي الذي يحْلِق شَعره ولم يُرَجِّلْه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديثه الآخر <فدَخَل رجلٌ أشعَرُ> أي كثيرُ الشَّعر‏.‏ وقيل طَويلهز

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عَمْرو بن مُرَّة <حتى أضاءَ لِي أشْعَرُ جُهينة> هو اسمُ جَبَل لهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث المَبْعث <أتاَنِي آتٍ فشَقَّ من هذه إلى هذه، أي من ثُغْرة نحره إلى شِعْرَته> الشِّعرةُ بالكسر‏:‏ العاَنَة وقيل مَنْبِت شَعَرها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سعد <شَهِدتُ بَدْراً وما لي غير شَعْرة واحدةٍ، ثم أكثرَ اللّهُ لي من اللِّحَى بَعْدُ> قيل أرادَ ماَلِي إلا بنْتٌ واحدةٌ، ثم أكثر اللّهُ من الوَلد بعدُ‏.‏ هكذا فُسِّر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه لمَّا أرادَ قتلَ أُبَىّ بن خَلَف تطايَر الناسُ عنه تطايُرَ الشُّعْر عن البَعِير، ثم طعَنه في حلْقِه> الشُّعر بضمّ الشين وسكون العين جمع شَعْراءَ، وهي ذِبَّانٌ حُمْر‏.‏ وقيل زُرقٌ تقع على الإبِل والحَمِير وتُؤْذيها أذىً شديداً‏.‏ وقيل هو ذبابٌ كثير الشَّعر‏.‏

وفي رواية <أن كَعْب بن مالك ناوَلَهُ الحَرْبة، فلمَّا أخذها انتَفَض بها انْتفاَضةً تطايَرْنا عنها تَطاَير الشَّعارِير> هي بمعنى الشُّعْر، وقياس واحِدها شُعْرُور‏.‏ وقيل هي ما يَجْتَمع على دَبَرة البعير من الذِّبَّان، فإذا هُيّجتْ تطايرتْ عنها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه أُهْدِىَ لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شَعارِيرُ> هي صغار القِثَّاء، واحدُها شُعْرور‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أمّ سلمة رضي اللّه عنها <أنها جعلت شَعارِير الذَّهب في رَقَبتها> هو ضربٌ من الحُلِىِّ أمْثال الشَّعِير‏.‏

وفيه <وليْتَ شِعْرِي ما صنَع فلان> أي ليت عِلْمي حاضرٌ أو مُحيط بما صنَع، فحُذف الخَبَر وهو كثيرٌ في كلامهم‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏شعشع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث البَيْعة <فجاء رجلٌ أبيض شَعْشاَع> أي طويلٌ‏.‏ يقال رجل شَعْشاعٌ وشَعْشَع وشَعْشَعان‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث سفيان بن نبيح <تَراه عظيما شَعْشَعا>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه ثرَد ثَريدَة فشَعْشَعها> أي خَلَط بعضَها ببَعض‏.‏ كما يُشعْشَع الشَّرابُ بالماء‏.‏ ويُروى بالسين والغَين المعجمة‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <إن الشَّهر قد تَشَعْشَع فلو صُمْنا بَقيَّته>‏.‏ كأنه ذَهَب به إلى رِقَّةِ الشَّهْر وقِلَّة ما بَقِىَ منه، كما يُشَعْشع اللبن بالماء‏.‏ ويُروى بالسين والعين‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏{‏شعع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <سَتَروْن بَعْدِي مُلْكاً عَضُوضا، وأمَّة شَعاَعاً> أي‏:‏ مُتَفَرِّقين مُخْتَلِفين‏.‏ يقال ذَهب دمُه شَعَاعا‏.‏ أي مُتَفَرِّقا‏.‏

‏{‏شعف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عذاب القَبْر <فإذا كان الرجُل صالحا أُجْلِسَ في قَبْره غَير فَزِع ولا مَشْعُوف> الشَّعَف‏:‏ شدَّة الفَزَع، حتى يذهَب بالقلب‏.‏ والشَّعف‏:‏ شِدَّة الحُب وما يَغْشى قلب صاحبه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أو رَجلٌ في شَعَفةٍ من الشِّعاف في غُنَيْمة له حتى يأتَيه الموتُ وهو مُعتَزِلُ الناس> شعفَة كلِّ شيءٍ أعلاهُ، وجمعُها شِعافٌ‏.‏ يريد به رأس جَبلٍ من الجبال‏.‏

ومنه <قيل لأعلى شعر الرأس شَعفَة>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث يأجوج ومأجوج <صغارُ العيون صُهْب الشّعاف> أي صُهْب الشُّعور‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <ضربَنِي عمر فأغاثَني اللّه بشَعَفتين في رأسي> أي ذُؤابَتين من شَعرِه وَقَتاه الضَّرب‏.‏

‏{‏شعل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه شَقَّ المشاَعِل يوم خيبر> هي زِقاقٌ كانوا ينْتَبذونَ فيها، واحدُها مِشَعلٌ ومِشْعاَلٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه <كان يَسْمُر مع جُلَسائه فكادَ السِّراج يَخْمَد، فقام وأصْلح الشَّعِيلة، وقال: قُمت وأنا عمر وقعدت وأنا عمر> الشَّعِيلة‏:‏ الفَتِيلة المُشْعَلة‏.‏

‏{‏شعن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <فجاء رجلٌ طويلٌ مُشْعانٌّ بغَنم يَسُوقُها> هو المُنْتَفِشُ الشَّعر، الثَّائرُ الرأسِ‏.‏ يقال شَعرٌ مُشْعانٌّ ورجل مُشْعانُّ الرأسِ‏.‏ والميم زائدةٌ‏.‏

 باب الشين مع الغين

‏{‏شغب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <قيل له: ما هذه الفُتْياَ التي شَغَبَت (رويت <شعبت> بالمهملة، وسبقت‏.‏ وستأتي <تشغفت> ‏)‏ في النَّاس> الشَّغْب بسكون الغَين‏:‏ تَهيِيج الشَّرِّ والفِتْنة والخصام، والعامَّة تفتَحُها‏.‏ يقال شغَبْتُهم، وبِهِم، وفيهم، وعليهم‏.‏

ومنه الحديث <أنه نَهى عن المُشاَغَبَة> أي المُخَاصَمة والمُفاَتَنة‏.‏

وفي حديث الزهري <أنه كان له مالٌ بشَغْب وبَدَا> هُماَ موضِعاَن بالشَّام، وبه كان مُقاَم علي بن عبد اللّه بن العبَّاس وأولادِه إلى أن وصلَت إليهم الخلافَة‏.‏ وهو بسكون الغين‏.‏

‏{‏شغر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نهَى عن نِكاح الشِّغار> قد تكرر ذكرهُ في غير حديث، وهو نِكاحٌ معروفٌ في الجاهلية، كان يقول الرجُل للرَّجُل‏:‏ شاغِرْني‏:‏ أي زَوِّجْني أخْتَك أو بْنتَك أو مَن تَلِى أمْرَها، حتى أزوِّجَك أخْتي أو بِنْتِي أو مَن ألى أمْرَها، ولا يكونُ بينهما مهر، ويكون بُضْعُ كل واحدةٍ منهما في مُقابَلة بضْع الأخرَى‏.‏ وقيل له شِغار لارْتفاعِ المَهْر بينهما، من شَغَر الكَلْبُ إذا رفَع إحدى رِجْليه ليَبُولَ‏.‏ وقيل الشّغر‏:‏ البُعْد‏.‏ وقيل الاتِّسَاعُ‏.‏

ومنه الحديث <فإذا نام شَغَر الشيطانُ برجْله فبال في أُذنه>‏.‏

ومنه حديث علي <قَبْل أن تَشغَر برِجْلها فِتْنَةٌ تطَأُ في خِطاَمِها>‏.‏

وحديثه الآخر <والأرضُ لكم شاغِرةٌ> أي واسعةٌ‏.‏

ومنه حديث ابن عمر <فحجَنَ ناقَته حتى أشْغَرت> أي اتَّسَعت في السَّيْر وأسْرَعت‏.‏

‏{‏شغزب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الفَرَع <تَتْركه حتى يكونَ شُغْزُبّاً هكذا رواه أبو داود في السُّنن. قال الحربىُّ: الذي عندي أنه زُخزبّاً، وهو الذي اشتدَّ لحمُه وغَلُظ. وقد تقدم في الزاي. قال الخطَّابي: ويَحتملُ أن تكون الزَّايُ أبْدِلَت شينا والخاءُ غَيْنا فَصحِّف. وهذا من غرائب الإبْدَال.

(س) وفي حديث ابن مَعْمر <أنه أخَذ رجلاً بيدِه الشَّغْزَبيَّة> قيل هو ضَرْب من الصِّراع، وهو اعتقالُ المُصارِع رِجْله برِجْل صاحِبه ورَمْيهُ إلى الأرض‏.‏ وأصل الشَّغْزبيَّة الالْتِواءُ والمكْر‏.‏ وكُلّ أمر مُستَصْعِب شَغْزَبىٌّ‏.‏

‏{‏شغف‏}‏ * في حديث علي <أنْشاَه في ظُلَم الأرْحامِ وشُغُف الأسْتار> الشُّغُف‏:‏ جمع شَغاَفِ القَلب، وهو حجابُه، فاستعارَه لموضِع الوَلدِ‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <ما هذه الفُتْيا التي تشَغَّفتِ الناسَ> أي وسْوَسَتْهُم وفَرَّقَتهم، كأنه دَخلَت شَغاَف قُلوبهم‏.‏

ومنه حديث يزيدَ الفَقير <كنتُ قد شَغَفَني رأيٌ من رَأْي الخَوارج> وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏شغل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنّ عليا رضي اللّه عنه خَطَب الناس بعد الحَكَمين على شَغْلَةٍ> هي البَيدَرُ، بفتح الغين وسكونها‏.‏

‏{‏شغا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه <أنَّ رجُلا من تَميم شَكاَ إليه الحاجَة فماَرَهُ، فقال بعدَ حَوْل لأُلِمَّنَّ بعُمَر، وكان شاغِىَ السِّنِّ، فقال: ما أَرَى عُمَر إلا سَيَعْرفُني، فعاَلَجها حتى قَلَعَها، ثم أتاه> الشَّاغِيةُ من الأسْناَن‏:‏ التي تُخالفِ نْبتَتُها نِبْتَة أخَواتِها‏.‏ وقيل هو خروجُ الثَّنِيَّتَين وقيل هو الذي تقع أسنانُه العُلْيا تحتَ رُؤوس السُّفْلَى‏.‏ والأوَّلُ أصحُّ ‏(‏في الدر النثير‏:‏ وقيل هي السن الزائدة على الأسنان‏.‏ حكاه الفارس وابن الجوزي‏)‏‏.‏ ويُرْوى <شاَغِنَ> بالنون، وهو تصحيفٌ‏.‏ يقال شَغِىَ يَشْغَى فهو أشْغَى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عثمان رضي اللّه عنه <جِيءَ إليه بعاَمِر بن قَيسٍ فَرأى شيْخاً أشْغَى>‏.‏

ومنه حديث كعب <تكونُ فِتنةٌ يَنْهض فيها رجُل من قُرَيش أشْغَى> وفي رواية <له سنٌّ شاَغِيَةٌ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر <أنه ضرَبَ امرأة حتى أشاَغَت ببِوَلها> هكذا يُروى، وإنما هو أشْغَت‏.‏ والإشْغاءُ أن يقطُر البولُ قليلاً قليلا‏.‏

 باب الشين مع الفاء

‏{‏شفر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث سعد بن الربيع <لا عُذْرَ لكم إن وُصِل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وفيكم شُفْرٌ يَطْرِفُ> الشُّفْر بالضم، وقد يُفْتح‏:‏ حرف جَفْنِ العين الذي يَنبُتُ عليه الشعَر‏.‏

ومنه حديث الشعبي <كانوا لا يُوَقِّتُون في الشُّفْر شيئاً> أي لا يُوجِبُون فيه شيئاً مُقدَّرا‏.‏ وهذا بخلاف الإجْماعِ، لأنَّ الدِّية واجبةٌ في الأجْفان، فإن أراد بالشُّفْر ها هنا الشعر ففيه خلافٌ، أو يكون الأوّل مذهبا للشَّعبي‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفيه <إن لقيتَها نَعجةً تحمل شَفْرةً وزِناداً فلا تَهِجْها> الشَّفْرةُ‏:‏ السكينُ العريضَةُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أن أنَساً كان شَفْرَةَ القوم في سَفَرِهم> أي أنه كان خادِمَهم الذي يَكْفِيهم مَهْنَتَهم> شُبِّه بالشَّفْرة لأنها تُمْتهَن في قَطْع اللَّحم وغيره‏.‏

وفي حديث ابن عمر <حتى وقَفُوا بي على شَفِير جَهنم> اي جانِبها وحَرْفها‏.‏ وشَفِير كُل شىء‏:‏ حرفُه‏.‏

وفي حديث كُرْزٍ الفهري <لما أغار على سَرْح المدينة وكان يَرْعَى بشُفَر> هو بضم الشين وفتح الفاء‏:‏ جَبَل بالمدينة يهْبط إلى العَقِيق‏.‏

‏{‏شفع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <الشُّفْعَة في كلّ ما لم يُقْسَم> الشفعة في المِلْكِ معروفةٌ، وهي مُشْتقَّةٌ من الزّيادة، لأن الشفيعَ يضم المَبيع إلى ملكه فيشْفَعُه به، كأنَّه كان واحداً وِتْرا فصار زَوْجا شَفْعا‏.‏ والشافعُ هو الجاعلُ الوِتْر شَفعاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الشعبي <الشُّفعةُ على رؤوس الرجال> هو أن تكونَ الدارُ بَين جماعة مُخْتَلِفي السِّهام، فيبيعُ واحدٌ منهم نصِيبَه، فيكون ما باَع لِشُركائهِ بينهم على رُؤوسهم لاَ عَلى سِهاَمِهم‏.‏ وقد تكرر ذكر الشفعة في الحديث‏.‏

وفي حديث الحُدُود <إذا بلغ الحدُّ السلطان فلعن اللّه الشَّافع والمُشفّع> قد تكرر ذِكر الشَّفاعة في الحديث فيما يتعلَّق بأمُور الدنيا والآخرة، وهي السُّؤالُ في التَّجاوُز عن الذُّنوب والجَرائِم بينَهم‏.‏ يقال شفَع يَشْفَع شَفاعةً، فهو شاَفِع وشَفِيعٌ، والمُشَفِّع‏:‏ الذي يَقْبل الشَّفاعةَ، والمُشَفَّع الذي تُقْبَل شفاعتُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه بَعثَ مُصدِّقا فأتاه رجل بشاةٍ شافع فلم يَأخُذْها> هي التي معهاَ ولدُها، سُميت به لأنَّ ولدَها شَفعها وشَفَعَتْه هيَ، فصارَا شَفْعاً‏.‏ وقيل شاةٌ شاَفِع، إذا كان في بطْنها ولدُها وَيتلُوها آخر، وفي رواية <هذه شاةُ الشافع> بالإضافة، كقولهم‏:‏ صلاةُ الأولى ومسجدُ الجامِع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <من حافظ على شَفْعة الضُّحى غُفر له ذنوبه> يعني ركْعَتَى الضحى، من الشَّفْع‏:‏ الزَّوج‏.‏ ويروى بالفتح والضم، كالغَرْفة، وإنما سمَّاها شَفْعة لأنها أكثرُ من واحدة‏.‏ قال القتيبي‏:‏ الشفعُ الزوجُ، ولم اسمع به مؤنثا إلاَّ ها هنا، وأحسَبُه ذُهب بِتَأنِيثه إلى الفَعْلة الواحدةِ، أو إلى الصلاةِ‏.‏

‏{‏شفف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نهى عن شَفِّ ما لم يُضْمَن> الشَّف‏:‏ الربحُ والزيادة ‏(‏ويقال الشَّفُّ وَالشِّفُّ‏.‏ والمعروف بالكسر‏.‏ ‏(‏اللسان‏)‏ ‏)‏، وهو كقوله‏:‏ نهى عن رِبح ما لم يُضمَن‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فمَثَلُه كَمثَل ما لا شِفَّ له>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الرِّبا <ولا تُشِفُّوا أحدَهما على الآخر> أي لا تُفَضِّلوا‏.‏ والشِّف‏:‏ النُّقصان أيضا، فهو من الأضْدَاد‏.‏ يقال شَفَّ الدِّرهمُ يَشِفُّ، إذا زَادَ وإذا نَقَص‏.‏ وأشَفَّه غيره يُشِفُّه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فشَفَّ الخَلْخاَلاَن نَحواً من دَانِقٍ فقَرَضه>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أنس رضي اللّه عنه <أنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم خطَب أصحابَه يوما وقد كادَتِ الشمس تَغْرُب ولم يَبْقَ منها إلاَّ شِفٌّ>‏.‏ أي شىءٌ قليلٌ‏.‏ الشِّفُّ ‏[‏والشَّفا‏]‏ ‏(‏زيادة من أ واللسان والهروي‏)‏ والشُّفاَفَةُ‏:‏ بقيةُ النهار‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أم زَرْع <وإن شرب اشتَفَّ> أي شَرِب جميع ما في الإِناءِ‏.‏ والشُّفاَفةُ‏:‏ الفَضْلة التي تَبْقى في الإِناءِ‏.‏ وذكر بعضُ المتأخِّرين أنه روى بالسين المهملة، وفسَّره بالإكثار من الشُّرْب‏.‏ وحكى عن أبي زيد أنه قال‏:‏ شَفِفْتُ الماء إذا أكثرتَ من شُرْبه ولم تَرْوَ‏.‏

ومنه حديث رَدِّ السلام <قال إنه تَشافَّها> أي استَقْصاها، وهو تَفاَعَل منه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <لا تُلْبسوا نساءَكم القباطِىَّ، إن لا يَشِفّ فإنه يَصِفُ> يقال شَفَّ الثوبُ يَشِف شُفُوفاً إذا بَدَا ما وراءه ولم يَستره‏:‏ أي أنّ القَباَطِىّ ثِيابٌ رِقاق ضَعيفةُ النَّسْجِ، فإِذا لَبِسَتها المرأة لسقت بأرْدافِها فوصَفَتْها، فنَهى عن لُبْسها، وأحبَّ أن يُكْسيْنَ الثِّخانَ الغِلاظ‏.‏

ومنه حديث عائشة <وعليها ثوبٌ قد كاد يَشِفّ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث كعب <يُؤْمر برَجُلين إلى الجنَّة، فَفُتِحت الأبْوابُ ورُفِعت الشُّفوف> هي جمعُ شِف بالكسر والفتح، وهو ضَرْب من السُّتور يسْتشِف ما وراءه‏.‏ وقيل ستر أحمر رقيقٌ من صُوف‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الطفيل <في ليلة ذات ظُلْمةٍ وشِفافٍ> الشفافُ‏:‏ جمعُ شَفِيف، وهو لَذْع البَرْد‏.‏ ويقال لا يكونُ إلاَّ بَرْدَ رِيح مع نَدَاوة‏.‏ ويقال له الشَّفَّان أيضا‏.‏

‏{‏شفق‏}‏ * في مواقيت الصلاة <حتى يغيب الشّفَق> الشَّفَقُ من الإضدادِ، يقَع على الحُمْرة التي تُرى في المَغْرب بعد مَغِيب الشمس، وبه أخذ الشافعي، وعلى البياض في الأفقُ الغربي بعد الحُمْرة المذكورةِ، وبه أخَذَ أبو حنيفة‏.‏

وفي حديث بلال <وإنما كان يفعل ذلك شَفَقَاً من أن يُدْرِكه الموت> الشَّفَقُ والإشفاقُ‏:‏ الخوفُ‏.‏ يقال أشْفَقْت أُشْفِق إشْفاَقا، وهي اللغة العاليةُ‏.‏ وحكى ابن دُرَيد شَفِقْت أشفَق شَفَقا‏.‏

ومنه حديث السحن <قال عُبيدة: أتيناهُ فازْدَحَمْنا على مَدْرَجة رَثَّةٍ، فقال: أحْسِنثوا مَلأكم أيها المَرْءون، وما عَلى البِناَء شَفَقاً، ولكن عليكم> انتصب شَفَقا بفعل مضمر تقديرُه‏:‏ وما أُشْفِق على ابِناء شَفَقاً، وإنما أُشْفق عليكم، وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏شفن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَّ مُجالدا رأى الأسْود يَقُصّ في المسجدِ فشَفَن إليه> الشَّفْن‏:‏ أن يرفع الإنسانُ طَرْفة ينظُر إلى الشيء كالمُتَعَجِّب منه، أو الْكارِه له، أو المُبْغِض‏.‏ وقد شَفَن يشْفِن، وشفِنَ يَشْفَن‏.‏

وفي رواية أبي عبيد عن مُجاَلد‏:‏ <رأيتكم صَنَعْتم شيئاً فشَفَن الناسُ إليكم، فإيَّاكم وما أنكر المسلمون>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الحسن <تموتُ وتتْركُ مالَك للشّافِن> أي الذِي يَنْتَظِر مَوْتك‏.‏

استعار ‏(‏في الأصل‏:‏ <استعمل> وأثبتنا ما في أ واللسان والدر النثير‏)‏ النَّظَر للانْتِظار، كما اسْتُعمِل فيه النَّظر‏.‏ ويجوز أن يريد به العَدُوّ؛ لأنَّ الشُّفُون نَظَرُ المُبْغِض‏.‏

وفيه <أنه صلى بناَ ليلةً ذات ثَلْج وشَفَّان> أي ريح بارة‏.‏ والألفُ والنون زائدتان‏.‏ وذكرناه لأجل لفظه‏.‏

وفي حديث استسقاء علىّ رضي اللّه عنه <لا قَزَعٌ رَبابُها، ولا شفَّانٌ ذِهاَبها> والذِّهاب بالكسر‏:‏ الأمطارُ اللينةُ‏.‏ ويجوز أن يكون شفَّان فَعْلان من شَفَّ إذا نقَص‏:‏ أي قليلة أمْطارُها‏.‏

‏{‏شفه‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إذا صنَع لأحدِكم خادمُه طعاماً فليُقْعِدْه معه، فإن كان مَشْفوها فليضَع في يده منه أُكلةً أو أُكْلَتين> المشْفوهُ‏:‏ القليلُ‏.‏ وأصلُه الماءُ الذي كَثُرت عليه الشفاهُ حتى قَلَّ وقيل‏:‏ أراد فإن كان مكْثُورا عليه‏:‏ أي كَثُرت أكَلَتُه‏.‏

‏{‏شفا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث حسان <فلما هَجا كُفَّارَ قُرَيش شفَى واشْتَفَى> أي شَفَى المؤمنين واشْتَفَى هو‏.‏ وهو من الشِفاء‏:‏ البُرْءِ من المَرِض‏.‏ يقال شَفاه اللّهُ يَشْفِيه، واشْتَفى افْتَعَلَ منه، فنَقَله من شِفاءِ الأجسام إلى شِفاءِ القلوب والنفوس‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث المَلْدوغ <فشَفَوْا له بكلِّ شيء> اي عالَجُوه بكل ما يُشْتَفَى به، فوضع الشِفاء موضع العِلاج والمُداواة‏.‏

وفيه ذكر <شُفَيَّة> هي بضم الشين مُصّغَّرة‏:‏ بئرٌ قديمةٌ حفَرَتها بَنُوا أسد‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أن رجُلا أصاب من مَغْنم ذَهبا، فأُتِى به النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم يَدْعُو له فيه، فقال: ما شَفَّى فُلانٌ أفضلُ مما شَفَّيتَ، تعلَّم خمس آيات> أراد ما ازْداد ورَبح بتعلُّمه الآيات الخمس أفضلُ مما اسْتَزدْتَ ورَبِحْت من هذا الذَّهب، ولعلَّه من باب الإبدال، فإِن الشِفَّ الزيادةُ والريحُ، فكأن أصله شفَّفْتَ؛ فأبْدل إحدى الفاآت ياءً، كقوله تعالى <دَسَّاها> في دسَّسَها، وتقضَّى البازِي في تَقَضَّض‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس <ما كانت المُتْعة إّلا رَحْمةً رحِمَ اللّهُ بها أُمَّة محمد صلى اللّه عليه وسلم، لَوْلا نهيهُ عنها ما احتاج إلى الزِناءِ إلاَّ شَفىً> أي إلاَّ قليلٌ من الناس ‏(‏في الهروي واللسان‏:‏ أي إلا خطيئة من الناس قليلة لا يجدون شيئاً يستحلون به الفروج‏)‏، من قولهم غابت الشمس إلاَّ شَفىً‏:‏ أي إلاَّ قليلا من ضَوئِها عند غُروبها‏.‏ وقال الأزْهري‏:‏ قوله إلاَّ شَفىً، أي إلا أن يُشْفِىَ، يعني يُشْرِف على الزنا ولا يُواقِعُه، فأقامَ الاسمَ وهو الشّفى مُقام المصدر الحقيقي وهو الإشْفاء على الشيءِ ‏(‏في اللسان‏:‏ قال أبو منصور ‏[‏الأزهري‏]‏‏:‏ وهذا الحديث يدل على أن ابن عباس علم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن المتعة فرجع إلى تحريمها بعد ما كان باح بإحلالها‏)‏ وحَرفُ كل شىء شَفاه‏.‏

ومنه حديث علي <نازلٌ بشَفى جُرُفٍ هارٍ> أي جانِبه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن زِمْل <فأشْفَوا على المَرْج> أي أشْرَفُوا عليه‏.‏ ولا يَكادُ يقال أشفَى إلاَّ في الشرِّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث سعد <مَرِضْت مَرَضا أشْفَيتُ منه على الموت>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <لا تَنْظروا إلى صلاة أحدٍ ولا إِلى صيامِه، ولكن انظُروا إلى وَرَعه إذا أشْفَى> أي أشْرف على الدنيا وأقْبَلت عليه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديثه الآخر <إِذا ائْتُمِن أدَّى، وإذا أشْفَى وَرِع> أي إذا اشْرف على شيءٍ تورّع عنه‏.‏ وقيل أراد المعصيةَ والخيانةَ‏.‏

 باب الشين مع القاف

‏{‏شقح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث البيع <نهى عن بيع التمر حتى يُشَقِّحَ> هو أن يَحمَرَّ أو يصفَرَّ، يقال أشقَحَت البُسْرة وشَقَّحَت إِشْقاحا وتشقيحا، والاسم‏:‏ الشُّقْحة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <كان علي حُيَيِّ بن أخْطَب حُلَّة شُقْحيَّة> أي حَمْراء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمَّار <أنه قال لمن تناول من عائشة: اسْكُتْ مَقْبُوحاً مَشْقُوحا مَنْبُوحا> المشقوح‏:‏ المكْسُور، أو المُبْعَد، من الشَّقْح‏:‏ الكسر أو البعد‏.‏

ومنه حديثه الآخر <قال لأم شَلَمة: دَعِى هذه المْقبوحة المشْقُوحة> يعني بنتها زينب، وأخذها من حجرها وكانت طفْلةً‏.‏

‏{‏شقشق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علىّ رضي اللّه عنه <إن كثيرا من الخُطَب من شَقاشِق الشيطان> الشِّقْشِقة‏:‏ الجِلْدة الحمراءُ التي يُخْرِجها الجَمَل العَربي من جَوفه ينْفُخ فيها فتظْهَر من شِدْقه، ولا تكونُ إلاَّ لِلعَرَبي، كذا قال الهروي‏.‏ وفيه نَظَرٌ‏.‏ شبه الفصيحَ المِنْطِيقْ بالفَحْل الْهاَدِر، ولِسانَه‏.‏ بِشقْشِقته، ونسبَها إلى الشيطان لمِا يدخل فيه من الكذب والباطل، وكونِه لا يُباَلي بما قال‏.‏ هكذا أخرَجَه الهروي عن عليّ، وهو في كتاب أبي عُبَيدة ‏(‏كذا في الأصل واللسان‏.‏ والذي في أ‏:‏ أبي عبيد‏)‏ وغيره من كلام عمر‏.‏

ومنه حديث على في خُطْبَة له <تلك ششقْشِقة هدَرَت، ثم قَرَّت>‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ويُروى له شعر فيه‏:‏

لِساناً كِشقْشِقة الأرْحَبِىّ أو كالحُساَم اليمَاني‏(‏رواية الهروي‏:‏

أو كالحُسام البُتار الذَّكَرْ *

قال‏:‏ ويروى <اليماني الذكر> ‏)‏ الذّكَر

وفي حديث قُسّ <فإِذا أنا بالفَنِيق يُشَقْشِق النُّوقَ> قيل إنّ يشقشق ها هنا بمعنى يُشَقِّق، ولو كان مأخوذاً من الشِّقْشِقة لجَاز، كأنه يَهْدِر وهو بَيْنَها‏.‏

‏{‏شقص‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه كوى سعدَ بنَ معاذ أو أسعد بن زُرَارة في أكْحَله بمِشْقَص ثم حَسَمه> المِشقْص‏:‏ نصلُ السَّهم إذا كان طويلاً غير عَريضٍ، فإذا كانَ عريضاً فهو المِعْبَلة‏.‏

ومنه الحديث <أنه قَصَّر عند المَرْوة بمِشْقصٍ> ويجمع على مَشاقِص‏.‏

ومنه الحديث <فأخذ مَشاَقِصَ فقطَع بَرَاجِمَه> وقد تكرر في الحديث مفرداً ومجموعا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <من باع الخمر فليُشَقِّص الخنازير> أي فليُقَطِّعْها قِطَعاً ويُفَصِّلها أعْضاَء كما تُفَصَّل الشاة إذا بيعَ لحمُها‏.‏ يقال شَقَّصه يُشَقّصه‏.‏ وبه سُمِّى القصَّاب مُشَقِّا‏.‏ المعنى‏:‏ مَن اسْتَحلَّ بيعَ الخَمْر فليْسَتحلَّ بَيْعَ الخنْزير، فإنهما في التَّحريم سواءٌ‏.‏ وهذا لفظُ أمر معناه النهىُ، تقديرُه‏:‏ من باعَ الخمر فليكُن للخَنازير قصَّاباً‏.‏ جعله الزمخشري من كلام الشَّعبي‏.‏ وهو حديث مرفرعٌ رواه المُغِيرة بن شُعْبة‏.‏ وهو في سنن أبي داود‏.‏

ومنه الحديث <أن رجلا أعتق شِقْصا من مملْوك> الشِّقصُ والشَّقِيص‏:‏ النصيبُ في العين المُشْتركة من كل شيء، وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏شقط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ضَمْضم <قال: رأيتُ أبا هريرة يشرَبُ من ماء الشقِيط> الشقيط‏:‏ الفَخّار‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ هي جرار من خَزَف يُجعل فيها الماءُ‏.‏ وقد رواه بعضهم بالسين‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏{‏شقق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لَوْلاَ أنْ أشُقَّ على أمتي لأمَرْتُهم بالسِّواك عند كلِّ صلاة> أي لولا أن أثقِّل عليهم، من المشَقَّة وهي الشِّدّة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أم زَرْع <وجَدني في أهل غُنَيمة بِشقٍّ> يروى بالكسر والفتح فالكسر من المَشَقة، يقال هم بشق من العيش إذا كانوا في جَهْد، ومنه قوله تعالى <لم تكونوا بالِغيه إلا بِشقِّ الأنفسِ> وأصلُه من الشِّق‏:‏ نصفِ الشىء، كأنه قد ذَهَب نصفُ أنفُسكم حتى بلغْتُموه‏.‏ وأما الفتح فهو من الشَّقِّ‏:‏ الفَصْل في الشيء، كأنها أرادت أنهم في موضع حَرِج ضَيِّقٍ كالشَّق في الجبَل‏.‏ وقيل شَقّ> اسم موضع بعينه‏.‏

ومن الأوّل الحديث <اتَّقُوا النار ولو بشِقّ تمرة> أي نصفِ تمرة، يريد أن لا تَسْتَقِلوا من الصَّدقة شيئاً‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفيه <أنه سأل عن سحائِبَ مرَّت وعن بَرْقها، فقال: أخَفْواً أم ومِيضاً أم يشُق شقّاً> يقال شَقَّ البرقُ إذا لَمع مسْتَطيلا إلى وسط السماء، وليس له اعتراضٌ، ويشقُّ معطوف على الفعل الذي انتصبَ عنه المصْدَرَان، تقديره‏:‏ أيَخْفى أم يُومضُ أم يَشقُّ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <فلما شَقَّ الفَجْران أمرَ بإقامة الصَّلاة> يقال شقّ الفجرُ وانشقَّ إذا طَلَع، كأنه شَقَّ موضع طُلُوعه وخرَجَ منه‏.‏

ومنه <ألم تَرَوْا إلى الميِّت إذا شَقَّ بَصَرُه> أي انْفَتح‏.‏ وضمُّ الشين فيه غير مُختار‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قيس بن سعد <ما كان لِيُخْنِى بابْنه في شِقَّة من تمْر> أي قِطْعةٍ تُشَق منه‏.‏ هكذا ذكره الزمخشري وأبو موسى بعده في الشين‏.‏ ثم قال‏:‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه غضِب فطارت منه شِقَّة> أي قِطْعة، ورواه بعضُ المتأخرين بالسين المهملة‏.‏ وقد تقدم‏.‏

ومنه حديث عائشة <فطارت شِقَّة منها في السماء وشِقة في الأرض> هو مبالغة في الغضب والغيْظِ، يقال قد انشَقَّ فلان من الغَضَب والغيْظِ، كأنه امْتلأ باطنُه منه حتى انشق‏.‏ ومنه قوله تعالى <تكادُ تميَّزُ مِن الغيظ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قرّة بن خالد <أصابَناَ شُقاق ونحن مُحْرمون، فسألنا أبا ذَرّ فقال: عليكم بالشَّحْم> الشُّقاق‏:‏ تَشَقُّق الجلْدِ، وهو من الأدوَاءِ، كالسُّعال، والزُّكام، والسُّلاق‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث البيعة <تَشْقِيقُ الكلام عليكم شديدٌ> أي التَّطَلُّب فيه ليُخْرجَه أحسن مَخْرج‏.‏

وفي حديث وَفْد عبد القيس <إنَّا نأتِيكَ من شُقَّةٍ بعيدةٍ> أي مَسافةٍ بعيدةٍ‏.‏ والشُّقَّة أيضا‏:‏ السَّفر الطويلُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث زهير <على فَرَسٍ شَقَّاءَ مَقَّاءَ> أي طويلة‏.‏

وفيه <أنه احتجَمَ وهو مُحْرم من شقِيقةٍ كانت به> الشَّقيقةُ‏:‏ نوعٌ من صُداع يعرِض في مُقَدَّم الرَّأس وإِلى أحد جانبيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عثمان <أنه أرْسَل إلى امرأة بشُقَيْقَةٍ سُنْبُلانية> الشُّقَّةُ‏:‏ جنسٌ من الثياب وتصغيرها شُقَيقة‏.‏ وقيل هي نصْف ثَوْب‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <النساءُ شَقائقُ الرِّجالِ> أي نظائرُهم وأمثالهم في الأخْلاق والطِّباع، كأنهنَّ شُقِقْن منهم، ولأن حَوَّاء خُلِقت من آدم عليه السلام‏.‏ وشَقيق الرجُل‏:‏ أخوه لأبيه وأمّه، ويُجْمع على أشِقَّاء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنتُم إخْواننا وأشقَّاؤنا>‏.‏

وفي حديث ابن عمرو <وفي الأرض الخامسة حَيَّاتٌ كالخَطاَئِط بَيْن الشَّقائِق> هي قِطَع غِلاظ بين حِباَل الرَّمْلِ، واحِدتُها شَقِيقةٌ‏.‏ وقيل هي الرِّمال نَفْسها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي رافع <إِنَّ في الجنَّة شجرةً تحمل كسْوة أهلِها، أشَدَّ حُمْرة من شقائِق النُّعْمان> هو هذا الزَّهْر الأحمرُ المعروفُ‏.‏ ويقال له الشَّقِرُ‏.‏ وأصلُه من الشَّقِيقة وهي الفُرْجة بين الرِّمال‏.‏ وإنما أُضيفت إلى النُّعمان وهو ابنُ المُنْذر مَلِك العرب؛ لأنه نزل شَقَائِق رَمْلٍ قد أنْبتت هذا الزَّهر، فاستَحْسَنه، فأمر أن يُحْمَى له، فأضِيفَت إليه، وسمِّيت شقائِق النُّعمان، وغَلَب اسمُ الشقَائِق عليها‏.‏ وقيل النُّعمان اسمُ الدَّم، وشقائقه‏:‏ قِطَعُه، فشُبّهت به لحُمْرتها‏.‏ والأوّل أكثُر وأشهرُ‏.‏

‏{‏شقل‏}‏ * فيه <أوّلُ من شابَ إبْراهيمُ عليه السلام، فأوحى اللّه تعالى إليه: اشْقَل وَقاَراً> الشَّقْلُ‏:‏ الأخذُ‏.‏ وقيل الوزْن‏.‏

‏{‏شقه‏}‏ * فيه <نَهى عن بَيْع التَّمْر حتى يُشْقِه> جاء تفسيره في الحديث‏:‏ الإشْقاَهُ‏:‏ أن يحمَّر أو يصفَرَّ، وهو من أشْقَح يُشْقح، فأبْدلَ من الحاء هاء‏.‏ وقد تقدم، ويجوز فيه التشديد‏.‏

‏{‏شقى‏}‏ * فيه <الشَّقىُّ من شَقِىَ في بَطْن أمِّه> قد تكرر ذكر الشَّقِىّ، والشَّقاَء، والأشْقياء، في الحديث، وهو ضِدُّ السَّعيد والسَّعادة والسُّعَداء‏.‏ يقال اشْقاه اللّه فهو شَقِىٌّ بَيّن الشِقَّوة والشَّقاوة‏.‏ والمعنى أن من قَدَّر اللّهُ عليه في أصْل خِلْقَته أن يكون شَقِيّاً فهو الشَقِىُّ على الحَقِيقةِ، لا مَنْ عَرَض له الشَّقَاء بعد ذلك، وهو إشارَةٌ إلى شقاء الآخرةِ لا شَقاَءِ الدنيا‏.‏